المبحث الثاني: المحكمة الاتحادية العليا في مشروع الدستور الاتحاد التساعي

المبحث الثاني: المحكمة الاتحادية العليا في مشروع الدستور الاتحاد التساعي

نفاذاً لأحكام اتفاقية دبي لعام 1968م التي نصت في مادتها الأخيرة على العمل بالاتفاقية لحين وضع دستور دائم وكامل للاتحاد،أصدر مجلس الحكام في 14مايو1969م القرار الاتحادي رقم (1) لسنة 1969م بشأن وضع دستور مؤقت لاتحاد الإمارات العربية نصت المادة الأولى منه على تشكيل لجنة مقرها إمارة أبو ظبي مؤلفة من السادة:-

  1. السيد / صالح فرح. عن إمارة أبو ظبي
  2. السيد حسين محمد البحارنة عن إمارة البحرين
  3. السيد/ أحمد عدى بيطار عن إمارة دبي
  4. السيد/زهير النجداوي عن إمارة قطر
  5. السيد/يسري الدويك عن إمارة الشارقة
  6. السيد/كمال الدنجاني عن إمارة رأس الخيمة
  7. السيد/جودة البرغوثي عن إمارة عجمان
  8. ناجي محمد جواد عن إمارة الفجيرة

وعهدت المادة الثانية من القرار إلى اللجنة وضع مشروع دستور مؤقت للاتحاد وذلك خلال مدة شهرين من تاريخ القرار،و أوجبت المادة الثالثة من القرار المذكور على اللجنة عرض مشروع الدستور بعد إنجازه على خبير دستوري لمراجعته على أن يفرغ هذا الأخير من المراجعة خلال مدة شهر واحد. وقررت المادة الرابعة من القرار عرض مشروع الدستور على الإمارات الأعضاء بعد إبداء الخبير الدستوري رأي فيه. أما المادة الخامسة والأخيرة من القرار المشار إليه فقد نصت على أن يتم الاتفاق مع الدكتور/ وحيد رأفت – لتولي مهمة الخبير الدستوري. أنجزت اللجنة مهمتها وقدمت مشروعاً يتألف من ديباجة و (126) مادة مقسمة على سبعة أبواب على النحو التالي:- الباب الأول :الدولة و أهدافها(المواد من 1-9). الباب الثاني : المقومات الأساسية للمجتمع والمبادئ الموجهة في الاتحاد (المواد من10-24). الباب الثالث: الحقوق الأساسية(المواد من 25-43). الباب الرابع: اختصاصات الاتحاد (المادة44) الباب الخامس:السلطات(المواد 45-100) الباب السادس :المالية (الموادمن101-119) الباب السابع: أحكام عامة (المواد من 120-126) والملاحظة على المشروع – بالقدر الذي يهم البحث – أنه اعتبر المحكمة الاتحادية العليا إحدى سلطات الاتحاد إذ نصت على ذلك صراحة المادة (45) بقولها :-

سلطات الاتحاد تمارسها الأجهزة التالية:-

  1. المجلس الأعلى.
  2. مجلس الوزراء.
  3. المجلس الوطني الاستشاري.
  4. المحكمة الاتحادية العليا.

وفصل الفصل الرابع من الباب الخامس الأحكام والمبادئ المتعلقة بالمحكمة الاتحادية العليا في(8) مواد. فقررت المادة (93) مبدأ استقلالية السلطة القضائية بقولها " القضاة مستقلون لا سلطات عليهم في أداة واجبهم لغير القانون وضمائرهم ". و أسندت المادة (94) للقانون تحديد طريقة تعيين قضاة المحكمة الاتحادية العليا وشروط خدمتهم. وأوجبت المادة (95) على قضاة المحكمة أداء اليمين القانونية أمام رئيس مجلس الأعلى عند تعيينهم، وتركت المادة(96) للقانون تحديد طريقة تشكيل المحكمة وإجراءاتها. وكرست المادة (97) مبدأ علانية الجلسات بقولها " جلسات المحكمة علنية إلا إذا قررت المحكمة جعلها سرية مراعاة النظام العام أو الآداب أو مقتضيات الأمن".

و أجازت المادة (98) للمحكمة تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية المستنبطة من مبادئها و نظرياتها العامة ومن العرف ومبادئ القانون الطبيعي وقواعد العدالة العامة في حال غياب نص تشريعي يحكم الواقعة المعروضة عليها.

وحددت المادة (99) ولاية المحكمة واختصاصاتها في المسائل الآتية:-

  1. تفسير الدستور.
  2. حماية الحقوق الأساسية المكفولة بموجب الدستور.
  3. النظر والفصل في موافقة الدساتير والتشريعات التي تصدر في أية إمارة لهذا الدستور.
  4. النظر والفصل في موافقة أي تشريع اتحادي لهذا الدستور.
  5. تصريف العدالة في عاصمة الاتحاد وفقاً للقوانين الاتحادية.
  6. أية اختصاصات أخرى تقرر بقانون اتحادي.

ونصت المادة (100) على إنشاء نيابة عامة للاتحاد على أن ينظم القانون اختصاصاتها وشروط العاملين فيها. ومايميز هذا المشروع عن اتفاقية دبي لعام 1968م أن مشروع اللجنة أبدى اهتماماً واضحاً بالسلطة القضائية للاتحاد, ففضلاً عن النص صراحة على أن المحكمة الاتحادية العليا إحدى سلطات الاتحاد،خصص الفصل الرابع من الباب الخامس لبيان الأحكام والمبادئ المتعلقة بالمحكمة وذلك على النحو الذي سبق تفصيله. كما تميز المشروع بأنه نص لأول مرة على إنشاء نيابة عامة للاتحاد، مما ينم عن فهم عميق لدور القضاء في إرساء دعائم الاتحاد. ولعل مرد هذا الاهتمام أن التكوين القانوني والقضائي لأعضاء اللجنة انعكس على إدراكهم بمدى أهمية وجود جهاز قضائي للاتحاد يختص بالنظر والفصل في أي نزاع ينشأ حول تفسير الدستور الاتحادي أو دستورية القوانين والتشريعات المحلية ، أو أي انتهاك للحقوق الأساسية المكفولة دستورياً. ولما كانت الخلافات السياسية التي رافقت مفاوضات الاتحادي التساعي وحالت دون قيام هذا الاتحاد، فإن المشروع لم ير النور وبقي ضمن الوثائق التاريخية لهذا الاتحاد.